بيع الوطن ثمناً للعرش
د / لميس جابر
يقول أحد الحكماء: «إن من لم يقرأ التاريخ قد حكم على نفسه بإعادته»، وكلمة «إعادته» هذه تعود على الأخطاء والهزائم والمطبات والسقطات.. ويبدو أن استيعاب التاريخ شىء مؤرق يثير القلق ويبعث على التشاؤم.. خاصة مع التصريحات الغريبة والعجيبة التى تتوالى فوق رؤوسنا كل يوم تثير الفزع والخوف على الوطن الذى يباع الآن بالجملة والقطاعى.
الرئيس يقول إن أرض مصر هى أرض غزة وإن سيناء امتداد طبيعى لها.. والمواطن الحمساوى الغزاوى يشارك المواطن المصرى فى خبزه ودوائه وكهربائه، وقياداتهم يعامَلون معاملة الرؤساء ويُستقبلون استقبال الفاتحين، وأبناء غزة يمرحون وبأيديهم السلاح فى أنحاء مصر يقتلون ويحرقون ويخرجون سالمين غانمين من تحت طائلة القانون.. والعريان يدعو اليهود إلى العودة لمصر لأخذ ممتلكاتهم القديمة التى نهبها عبدالناصر ويصرخ مدافعاً عن دعوته العجيبة بأنهم مصريون ولا يصح لنا أن نلقى بهم وراء الشمس.. ولم يسأل نفسه أين هم اليهود المصريون؟
وهل إذا وجدهم سيكونون ما زالوا على هوى مصر وحب مصر ويحملون «باسبور» مصريا بعد أربع حروب قُتل فيها من المصريين آلاف على أيدى اليهود؟
وبغض النظر عن سحب الدعوة وتبريرها الساذج فإنها تهدف إلى أشياء خطيرة.. يأتى بعدها مشروع تنمية قناة السويس وعلاقته الأكيدة بالصكوك الإسلامية التى تذكرنا بالخطأ القاتل الذى ارتكبه الخديو إسماعيل عندما باع أسهم مصر فى قناة السويس لتقع فى أيدى المحتلين الإنجليز والفرنسيين لمدة تسعين عاماً، وهذه العزومات والولائم التى تقدم قرابين فداء لكرسى العرش المصرى هى من أرض هذا الوطن التى يبدو أنها لم ترتوِ بعد من الدماء المصرية الطاهرة.. والتاريخ يحكى عن شىء مماثل عندما تولى محمد على حكم مصر رغماً عن أنف المماليك الذين كانوا يحكمونها بالبلطجة والنهب.. فقد حاول «الألفى بك»، وكان أقوى الأمراء المماليك، الاستقواء بالإنجليز وطلب مساعدتهم لإسقاط محمد على وإقصائه ليجلس هو حاكماً على مصر وكان الثمن المتفق عليه مع الإنجليز إعطاءهم الثغور المصرية (الإسكندرية ورشيد ودمياط والسويس)، وتم الاتفاق بالفعل وانتظر الألفى قدوم السفن البريطانية ولكن القدر لم يمهله ومات يائساً قبل مجىء حملة فريزر بشهرين فقط.. وجاء الإنجليز يسألون عنه ولما علموا بموته سألوا عن بقية الأمراء المماليك ولكنهم خافوا واختبأوا بعد المقاومة الرائعة لأهل رشيد (القرية الصغيرة التى هزمت جيوش الإنجليز).. وبعد أربع سنوات كرر «شاهين بك» وريث الألفى بك فى قيادة المماليك المحاولة وأرسل خطاباً إلى قائد الأسطول البريطانى يطلب مساعدته لانتزاع الحكم من «محمد على» مقابل ما يطلبه من شروط فوق ما كان يقدم لهم الألفى بك ويقول فى نهاية خطابه الموثق «إننى مستعد أن أخضع خضوعاً تاماً بكل قواى لمشيئة الحكومة الإنجليزية حتى لو كلفنى هذا السعى حياتى».. ولكن لم يكلفه هذا السعى حياته فقط بل كلف كل أمراء المماليك الموجودين فى مصر حياتهم بعد أن علم محمد على بالمؤامرة.. وبعد أيام معدودة قضى عليهم فى «ممر العزب» المنحدر من أعلى القلعة إلى «باب العزب»، والتى سميت فى التاريخ بمذبحة القلعة.. وبقيت الخيانة عالقة بالمماليك وظلت نهضة مصر الحديثة والتعليم والجيش والزراعة تاجاً على رأس محمد على.. وهكذا يتحدث التاريخ.
يقول أحد الحكماء: «إن من لم يقرأ التاريخ قد حكم على نفسه بإعادته»، وكلمة «إعادته» هذه تعود على الأخطاء والهزائم والمطبات والسقطات.. ويبدو أن استيعاب التاريخ شىء مؤرق يثير القلق ويبعث على التشاؤم.. خاصة مع التصريحات الغريبة والعجيبة التى تتوالى فوق رؤوسنا كل يوم تثير الفزع والخوف على الوطن الذى يباع الآن بالجملة والقطاعى.
الرئيس يقول إن أرض مصر هى أرض غزة وإن سيناء امتداد طبيعى لها.. والمواطن الحمساوى الغزاوى يشارك المواطن المصرى فى خبزه ودوائه وكهربائه، وقياداتهم يعامَلون معاملة الرؤساء ويُستقبلون استقبال الفاتحين، وأبناء غزة يمرحون وبأيديهم السلاح فى أنحاء مصر يقتلون ويحرقون ويخرجون سالمين غانمين من تحت طائلة القانون.. والعريان يدعو اليهود إلى العودة لمصر لأخذ ممتلكاتهم القديمة التى نهبها عبدالناصر ويصرخ مدافعاً عن دعوته العجيبة بأنهم مصريون ولا يصح لنا أن نلقى بهم وراء الشمس.. ولم يسأل نفسه أين هم اليهود المصريون؟
وهل إذا وجدهم سيكونون ما زالوا على هوى مصر وحب مصر ويحملون «باسبور» مصريا بعد أربع حروب قُتل فيها من المصريين آلاف على أيدى اليهود؟
وبغض النظر عن سحب الدعوة وتبريرها الساذج فإنها تهدف إلى أشياء خطيرة.. يأتى بعدها مشروع تنمية قناة السويس وعلاقته الأكيدة بالصكوك الإسلامية التى تذكرنا بالخطأ القاتل الذى ارتكبه الخديو إسماعيل عندما باع أسهم مصر فى قناة السويس لتقع فى أيدى المحتلين الإنجليز والفرنسيين لمدة تسعين عاماً، وهذه العزومات والولائم التى تقدم قرابين فداء لكرسى العرش المصرى هى من أرض هذا الوطن التى يبدو أنها لم ترتوِ بعد من الدماء المصرية الطاهرة.. والتاريخ يحكى عن شىء مماثل عندما تولى محمد على حكم مصر رغماً عن أنف المماليك الذين كانوا يحكمونها بالبلطجة والنهب.. فقد حاول «الألفى بك»، وكان أقوى الأمراء المماليك، الاستقواء بالإنجليز وطلب مساعدتهم لإسقاط محمد على وإقصائه ليجلس هو حاكماً على مصر وكان الثمن المتفق عليه مع الإنجليز إعطاءهم الثغور المصرية (الإسكندرية ورشيد ودمياط والسويس)، وتم الاتفاق بالفعل وانتظر الألفى قدوم السفن البريطانية ولكن القدر لم يمهله ومات يائساً قبل مجىء حملة فريزر بشهرين فقط.. وجاء الإنجليز يسألون عنه ولما علموا بموته سألوا عن بقية الأمراء المماليك ولكنهم خافوا واختبأوا بعد المقاومة الرائعة لأهل رشيد (القرية الصغيرة التى هزمت جيوش الإنجليز).. وبعد أربع سنوات كرر «شاهين بك» وريث الألفى بك فى قيادة المماليك المحاولة وأرسل خطاباً إلى قائد الأسطول البريطانى يطلب مساعدته لانتزاع الحكم من «محمد على» مقابل ما يطلبه من شروط فوق ما كان يقدم لهم الألفى بك ويقول فى نهاية خطابه الموثق «إننى مستعد أن أخضع خضوعاً تاماً بكل قواى لمشيئة الحكومة الإنجليزية حتى لو كلفنى هذا السعى حياتى».. ولكن لم يكلفه هذا السعى حياته فقط بل كلف كل أمراء المماليك الموجودين فى مصر حياتهم بعد أن علم محمد على بالمؤامرة.. وبعد أيام معدودة قضى عليهم فى «ممر العزب» المنحدر من أعلى القلعة إلى «باب العزب»، والتى سميت فى التاريخ بمذبحة القلعة.. وبقيت الخيانة عالقة بالمماليك وظلت نهضة مصر الحديثة والتعليم والجيش والزراعة تاجاً على رأس محمد على.. وهكذا يتحدث التاريخ.
تعليقات